مقالات مختارة

الدراما التركية في السياسة العربية!

أحمد حسن الشرقاوي
1300x600
1300x600

كما قلنا في نهاية المقال السابق فإن الدراما التركية تعد واحدة من عناصر قوة أنقرة الناعمة في منطقة المشرق العربي- الإسلامي.

 

مسلسلات درامية تاريخية تركية مثل «قيامة أرطغرل»، و«السلطان عبد الحميد»، و«الغازي محمد الفاتح»، استطاعت أن تجتذب عشرات الملايين من المشاهدات، وأن تخترق وجدان الملايين في منطقة المشرق الإسلامي التواق لماض مجيد وعريق في مواجهة الهيمنة الثقافية الغربية.


ومؤخرا، عندما قرأت خبرا مفاده أن شركة «نتفليكس» الهوليوودية المتخصصة في البث التلفزيوني المرئي، قررت إنتاج أول مسلسل درامي ناطق باللغة العربية، يتم تصويره في منطقة آثار البتراء بالأردن، بممثلين وطاقم إخراج عربي، شعرت أن ناقوس الخطر بدأ يدق في هوليوود.


قنوات تلفزيونية متخصصة في عرض أفلام هوليوود التجارية مترجمة للغة العربية مثل: «أم. بي. سي 2»، و«أم. بي. سي أكشن»، وغيرهما تحققان أعلى نسب مشاهدات في المنطقة العربية بصفة عامة، وتتربع منذ سنوات على قمة نسب المشاهدة العربية، وهي في الوقت نفسه، تقوم بدور «القوة الناعمة للحضارة الغربية» التي تنشر مفاهيم الغرب، ومفرداته، وأسلوب حياته في العالم كله، بما في ذلك منطقة المشرق العربي والإسلامي.


استطاعت الدراما التركية أن تبدأ في سحب البساط من تحت أقدام سينما هوليوود المترجمة للغة العربية، بدأت الدراما التركية طريقا طويلا، لكن خبر إنتاج واحدة من كبريات شركات إنتاج هوليوود مسلسلا دراميا ناطقا باللغة العربية، وبثه عبر شبكة مستخدميها، يمثل بالنسبة لي نوعا من بداية الإدراك لدى آلة هوليوود الضخمة لتنامي القوة التركية في هذا المجال. 


ربما يكون نوعا من المبالغة من جانبي، لكن لننظر لردة فعل بعض الساسة العرب، ونتذكر واقعة قيام وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة بإعادة تغريد لتغريدة فيها سب وقذف وتعريض بالقائد العثماني الذي تولى حماية الحرمين الشريفين ضد الإنجليز وأعوانهم العرب، خلال ما عرف باسم «الثورة العربية الكبرى» عام 1916، وما أعقبها من أحداث.


وصفت «التغريدة» القائد العثماني وصفا غير لائق، مما استدعى ردا قويا من جانب تركيا على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي ذكّر المسؤول الإماراتي بما كان يقوم به القائد العثماني آنذاك من حماية مقدسات المسلمين في مكة والمدينة المنورة!!


كل هذه مؤشرات تقف لصالح بداية شعور البعض بتنامي القوة التركية الناعمة في منطقتنا.
وتذكرني هذه الفترة، التي نعيشها حاليا، بالفترة التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر من عام 2001، حين لجأت الدول الغربية الكبرى لإنشاء محطات إخبارية تلفزيونية موجهة للجمهور العربي، وناطقة بلغته (اللغة العربية)، وظهرت قنوات عربية لهيئة الإذاعة البريطانية «بي. بي. سي»، و «فرانس 24» العربية، وقناة «الحرة» الإخبارية من واشنطن، و«دويتشه فيله» الألمانية من برلين وغيرها.


وجزء من المنافسة كانت تقف خلفه شبكة الجزيرة الإخبارية التي استطاعت أن تنقل أحداث الغزو الأمريكي لأفغانستان، ثم في العراق، بطريقة لم تستطع قنوات إخبارية كبرى منافستها في تلك التغطية المهنية المحترفة، بل إن غالبية الشبكات الإخبارية الكبرى في العالم آنذاك نقلت عن «الجزيرة»، وكانت تلك الخطوة ضربة أولى مبكرة في قلب الهيمنة الإعلامية الغربية على منطقة المشرق العربي والإسلامي.


«الجزيرة» والدراما التركية تدركان حقيقة المواجهة ولب الصراع، فلماذا يستغرب البعض من التقارب بينهما؟!!

 

العرب القطرية

0
التعليقات (0)