قضايا وآراء

جمود الحل السياسي في ليبيا: مقدمة لمشروع بديل؟

أبو بكر بلال
1300x600
1300x600
المتابع للمشهد السياسي في ليبيا يدرك أن حالة من الجمود في الأشهر الأخيرة أصابت عملية الحل السياسي التي تقودها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا. إذ لم يعد هنالك أي ترتيبات لجلسات حوار بين مجلس النواب في طبرق والمجلس الأعلى للدولة في طرابلس، لتمكين اتفاق الصخيرات ونيل الحكومة المنبثقة عنه الثقة من البرلمان، كما لم يعد هنالك أي صدى للانتخابات المزمع إجراؤها أواخر هذه السنة، بعد تحديث سجل الناخبين وانتهاء المدة المحددة للتسجيل.

هذا الجمود الذي أصاب المشهد السياسي، وتقف البعثة الأممية أمامه موقف المتفرج، يأتي وسط أنباء عن تغيير حكومة الوفاق أو استبدال بعض وزرائها من قبل المجلس الرئاسي، وهو ما يعني بقاء الانقسام على حاله، ويعني أيضا بقاء الرفض من قبل مجلس النواب ومن يحركه؛ وثبات موقفه المتمثل في عدم إعطائه الثقة للحكومة التي يبدو أن رفضه راجع لموقف دول إقليمية لها مشروعها المغاير لمشروع الصخيرات، وراجع أيضا إلى عدم إشراك النواب والأطراف المختلفة في الشرق في اختيار الحكومة.

إن نية المجلس الرئاسي لتغيير حكومته أو استبدال بعض وزرائها، دون الاستناد في ذلك إلى جهة تشريعية تستمد شرعيتها منها، يجعل الباب مفتوحا أمام وجود سلطة وحيدة هي المشرعة المنفذة، وهو ما يجعلها كذلك غير مراقبة ومحاسبة على ما تفعل لغياب سلطة موازية تراقبها وتحاسبها، وبذلك ستتعدد أبواب الفساد وطرقه، كما يجعل البلد موغلا في نقصان سيادته وانتهاكه عبر تدخل الأمم المتحدة المباشر في الحكومة والرجوع إليها في أي مجال يخصها، كهذا الإجراء.

في اعتقادي أن هذا الجمود السياسي من جهة، واستمرار المجلس الرئاسي في عمله وتوجهه نحو تحوير نفسه أو تغيير حكومته من جهة أخرى، يقودنا إلى احتمالية فشل مشروع الصخيرات دون أي تحوير فيه يمنحه القابلية للحياة والاستمرار، خاصة وأن أطرافا فاعلة في المنظومة الدولية لا تريد له الحكم، وهو ما يدل عليه عدم ضغطها على الأطراف الليبية الرافضة للاتفاق، رغم صلة المنظومة الدولية بهذه الأطراف.. كما يدل عليه هذا الجمود الذي أصاب الحل السياسي اليوم، وهذه المعارك التي اندلعت مؤخرا في الجنوب الليبي؛ رغم سعي الاتفاق السياسي إلى إيقاف الحرب في شتى ربوع البلاد.

احتمالية فشل مشروع الصخيرات يقودنا إلى التخمين في مشروع بديل له، ربما يكون تحويرا له باسم جديد وهيكلية جديدة؛ ينبثق عبر جلسات لحوار جديد، وربما يكون عن طريق مشروع الانتخابات الذي أعلن عنه مؤخرا وسجل فيه قرابة المليوني ناخب، حسب إحصائية المفوضية العليا للانتخابات، على الرغم من أن هذا المشروع لم يعد له أي صدى يذكر بعد أن عرضته البعثة الأممية مشروعا بديلا، مما يعني احتمالية تأجيله أو العدول عنه.

المشروع الجديد لن يكون كسابقه على أية حال، فلا بد له من إضافة أطراف وتغييب أطراف أخرى، وهو الأمر الذي أرادته أطراف دولية وإقليمية عرقلت اتفاق الصخيرات. فعلى ما يبدو أنه إذا ما وجد مشروع جديد، فإنه بالتأكيد سيخلو من أي طرف يمثل تيار الإسلام السياسي، في مقابل وجود المسلحين وحضورهم بقوة، عبر ما يسمى بالقيادة العامة للجيش الليبي، أو التوجه الذي يدعم الحرب ضد "الإرهاب"، حسب المفهوم الغربي له، أو من يمثل القوة العسكرية لمدينة مصراتة الداعمة للاتفاق، وهي القوة المقابلة لحفتر في الغرب الليبي، علاوة عن ممثلي الجهات والأقاليم. ولعل ما يدل على هذا التوجه استقالة عضو المجلس الرئاسي عبد السلام كجمان من عضوية حزب العدالة والبناء، وحديث وزير الدفاع المهدي البرغثي وتغير نبرته حول مدينة بنغازي والمقاتلين الذي قارعوا قوات حفتر، بعد أن حالفهم ودعمهم في مشروع سرايا الدفاع عن بنغازي.
التعليقات (0)