قضايا وآراء

هل نحن مستعدون لمرحلة ما بعد الرئيس عباس؟

أكرم رضوان
1300x600
1300x600
في كل مرة يدخل محمود عباس المشفى، سواء لعمل فحوصات طبية روتينية أو وعكة صحية تُلم به، يبدأ المعلقون بالتساؤل: ماذا بعد رحيل الرئيس عباس؟ السؤال عن خلافة عباس أصبح أمراً ملحاً مع بلوغ الرئيس عامه الثالث والثمانين، واعتبار بعض المراقبين أن الرجل قد انتهى سياسيا، ولكن تبدو الإجابة عن هذا السؤال صعبة وملحة في ذات الوقت ومربكة للمشهد الفلسطيني برمته.
 
إن ما نلاحظه أنه لا استعدادات حقيقية لدى الفصائل الفلسطينية لمرحلة ما بعد عباس، بما فيها حركة فتح التي لا يجرؤ فيها أحد على مجرد الحديث علناً في موضوع خلافة محمود عباس، والذي يعتبر عمودها الفقري، كونه رئيساً للحركة وللمنظمة وللسلطة في آن واحد، وفي حال غيابه فإن الخلافات التي ستندلع على هذه المناصب الثلاثة قد تؤدي إلى حدوث انشقاقات داخل جسم الحركة؛ لأنه من الصعب أن يرثها شخص واحد بحسب تقديرات الخبراء. ولا يظهر أن فتح تتفق على مرشح بعينه لتولي هذه المناصب، خصوصا مع رفض عباس تعيين نائب له. ومن هنا فلا بد لفتح أن تضغط على الرئيس عباس لتعيين نواب له في السلطة والحركة، حتى يحد من حدوث خلاف داخلي، أو التدخل الخارجي من قبل الإقليم لفرض شخص ما، كمحمد دحلان، وكذلك لضمان انتقال الرئاسات بشكل سلس.

أما حركة حماس، الفصيل الأكبر المنافس لفتح، فهي مجرد متابع ولا سيناريوهات حقيقة لديها لإحداث اختراق في الحالة الفلسطينية في حال غياب عباس عن المشهد، مع أن ضعف فتح وتصاعد الخلافات داخلها سيساعد حركة حماس لتقوية نفوذها ومكانتها في الضفة الغربية، إلى جانب سيطرتها الحالية على قطاع غزة، كما يوفر لها فرصة للانخراط أكثر في اللعبة السياسية وتعزيز شرعيتها عربيا ودوليا، خصوصا بعد الليونة التي بدت واضحة لدى الحركة في التعاطي مع الطروحات السياسية وظهرت جليا في الوثيقة السياسية التي أصدرتها الحركة العام الماضي. وبالنسبة لحماس، فإن غياب عباس قد يفتح الباب أيضاً لاحتمال قدوم رئيس أفضل منه، يسعى لإعادة اللحمة للوطن وإنهاء الانقسام وإعادة هيكلة منظمة التحرير لتمثل الشعب بكافة فصائله وأطيافه، مع أن هذا الاحتمال ضعيف؛ لأن أي رئيس قادم سيكون محكوما ومكبلا بالاتفاقات مع الاحتلال، ومهددا بالحصار وتقليم الأظافر إن حاول لعب دور؛ غير ما هو مرسوم له.

وحال الفصائل الفلسطينية الأخرى، كاليسار والجهاد الاسلامي، لا يختلف كثيرا. فما يظهر لنا أنه ليس لديها خطة أو رؤية واضحة لمرحلة ما بعد عباس. وهذا يستلزم وجود نقاش داخلي عميق فيما بينها لبحث تفعيل المؤسسات الفلسطينية السياسية؛ بغية كسر احتكار فتح لمنصب الرئيس والهيمنة على المنظمة والتفرد بالقرار. فكل الأسماء التي تطرح لخلافة عباس محسوبة على حركة فتح، وكأن الأمر شأن فتحاوي داخلي. وكذلك فإن موقفا قويا وموحدا من الفصائل يمكنه مواجهة أية محاولات خارجية وإقليمية للتدخل في اختيار شخص الرئيس، وهو حق الشعب الفلسطيني وحده وفق مبدأ الانتخاب. كما أن غياب عباس ربما يشكل فرصة للفصائل للتخلص من عقدة اتفاق أوسلو، أو التوجه نحو الخيار الأصعب وهو حل السلطة.

يبدو أن دولة الاحتلال هي الطرف الأكثر جاهزية لمرحلة ما بعد عباس، ولديها سيناريوهات وخيارات عديدة، منها ما كشفت عنه ومنها ما زال حبيس الأدراج. ومن تلك السيناريوهات ضم الضفة الغربية في حال غادر عباس السلطة، مبررة ذلك بالفراغ السياسي أو الاقتتال الداخلي. وقد كشف المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، عن تشكيل جيش الاحتلال في 2016 طاقماً خاصاً عكف على وضع الاستعدادات لمواجهة اليوم الذي يلي الرئيس عباس. والخوف الأكبر لدى الاحتلال هو من الفوضى وانفلات الأمور التي من الممكن حدوثها. وما يدركه قادة الاحتلال ولكنه يتجاهله بسبب سيطرة اليمين على السلطة، هو أن أبا مازن قد يكون آخر رئيس فلسطيني يمكن أن يوقّع اتفاقية سلام مع دولة الاحتلال، وبالتالي مع غيابه ستفقد فرصة قد يصعب تعويضها.
التعليقات (1)
Men radwan
الأربعاء، 28-02-2018 09:54 ص
التحليل واقعى لكن المستفيدين أكثر من ذلك