ملفات وتقارير

ما مدى جدية التصريحات الأمريكية حول البقاء في منبج؟

القيادة المركزية الأمريكية قالت إنها لا تخطط لسحب قواتها المتمركزة قرب منبج- جيتي
القيادة المركزية الأمريكية قالت إنها لا تخطط لسحب قواتها المتمركزة قرب منبج- جيتي

أثار حديث الولايات المتحدة عن عدم وجود نوايا لديها بالانسحاب من منبج، ردا على مطالبة تركيا لها بسحب قواتها العسكرية المتمركزة داخل المدينة، موجة من التساؤلات، أبرزها ما يتعلق بجدية التصريحات ودلالاتها وتأثيرها على مستقبل وشكل العلاقة ما بين واشنطن وأنقرة، وتحديدا في الملف السوري.

وأكد قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال جوزيف فوتيل قبل أيام أن الولايات المتحدة "لا تخطط لسحب قواتها المتمركزة قرب مدينة منبج شمالي سوريا رغم التحذيرات الصادرة من تركيا لنقلهم فورا".

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد مرارا أن عملية "غصن الزيتون" ستتواصل ما بعد عفرين إلى منبج، لتطهيرها من "الإرهابيين الذين ليسوا أهلها"، وذلك في إشارة صريحة إلى سيطرة الأكراد على هذه المدينة ذات الغالبية العربية تحت عنوان ما يسمى بـ"قوات سوريا الديمقراطية- قسد".


احتواء ردة فعل الأكراد

 
وفي هذا الصدد، يرى الباحث في "مركز جسور للدراسات" عبد الوهاب عاصي، أن تصريحات الولايات المتحدة حول منبج تحمل أكثر من تفسير، فمن جهة تحمل في طياتها رغبة أمريكية باحتواء ردة فعل المليشيات الكردية الغاضبة مما يجري في عفرين، خشية من انسحاب هذه المليشيات من الجبهات مع تنظيم الدولة.

ويشير في حديثه لـ"عربي21" إلى تفسير آخر، وهو أن الولايات المتحدة لن تتنازل لتركيا عن منبج بهذه السهولة، ولذلك تحاول الضغط على أنقرة للموافقة على اتفاق لوقف عمليات عفرين مقابل التوصل إلى صيغة مرضية.

 

اقرأ أيضا: أنقرة: سندخل منبج إذا لم ينسحب "الاتحاد الديمقراطي" منها

 

لكن هل من المحتمل أن تعلن تركيا عن توقف عملية "غصن الزيتون"؟ يجيب عاصي: "لم تعد تركيا تثق بالوعود الأمريكية، وخصوصا أن التصريح الأخير ينسف أي حديث عن خطوات ملموسة تشترطها أنقرة على واشنطن".

ويستطرد قائلا: "من المؤكد أن أنقرة لن توقف "غصن الزيتون" وقد تعمد إلى فتح جبهات جديدة في منبج وربما في رأس العين بالحسكة بهدف الضغط على الولايات المتحدة".

التخفيف من حدة التورط

بدوره، اعتبر الكاتب الصحفي إياد الجعفري، أن "الولايات المتحدة في سوريا تتعامل وفق مبدأ التخفيف من حدة تورطها العسكري، وتحقيق أكبر قدر من المكاسب بأقل قدر من التدخل المباشر".

وقال لـ"عربي21": "لاحظنا أنه كلما ضغطت روسيا وإيران ولاحقا تركيا على الولايات المتحدة كانوا يحققون المكاسب بشريطة عدم المساس بالمناطق التي تعتبر خطوطا حمراء أمريكية".

وأردف الجعفري: "في الصيف الماضي كانت الولايات المتحدة تتحدث عن أنها لن تسمح لإيران بفتح ممر بري بين بغداد ودمشق، لكن إيران لم تستحب لذلك، وأوعزت لمليشياتها بالتحرش بالأمريكان في التنف لجس النبض".

وتابع بأنه تبين لإيران أن الولايات المتحدة تعتبر منطقة التنف منطقة نفوذ لها، وأنها غير معنية بالممر البري الذي تحقق لإيران فيما بعد.

وقال الجعفري: "كذلك فعلت روسيا عندما تناوشت مع القوات الأمريكية شرق الفرات، إلى أن حصلوا على اتفاق ضمنوا من خلاله النصيب الأكبر من غاز ونفط دير الزور".

وبالعودة إلى منبج، رأى أنه من غير المعروف مدى تمسك الولايات المتحدة بهذه المدينة، معتبرا أن على تركيا إن أرادت التأكد مما ما إذا كانت منبج مصلحة استراتيجية أمريكية، التحرك نحوها.

وأشار إلى أنه من المحتمل أن تتراجع الولايات المتحدة في حال حسمت أنقرة أمرها من التحرك نحو منبج، وقال: "كما حسم الروس أمرهم بتسليم عفرين لتركيا، قد تفعل الولايات المتحدة الأمر ذاته في منبج، مقابل التعاون في ملفات أخرى".

 

اقرأ أيضا: مسؤول عسكري أمريكي: لا خطط لسحب قواتنا من منبج

 

وكانت مصادر عسكرية في المعارضة السورية قد ألمحت إلى معركة وشيكة يجري التحضير لها من قبل الفصائل المدعومة تركيا لطرد ما يسمى بـ"قوات سوريا الديمقراطية – قسد" من المدينة، وذلك في إطار عملية "غصن الزيتون".

وتشهد منبج أجواء توتر ما بين العشائر العربية التي تشكل النسبة الكبرى من التركيبة السكانية للمدينة، وما بين قسد التي تتحكم بها "الوحدات الكردية" وذلك على خلفية حوادث أمنية ضربت منبج مؤخرا.

التعليقات (0)