قضايا وآراء

بداية عام جديد.. وإعدامات السيسي!

جمال نصار
1300x600
1300x600
تمر الأيام والسنون وتنقضي الساعات والأوقات، ولا يعلم الإنسان أين تكون نهايته وكيف يموت، وربما يكون حيا ميتا، لا يعرف حلالا من حرام، وقد يكون في زمرة الظالمين، أو من عتاة الظالمين، دونما أن يشعر بذلك، أو يشعر، ولكنه يتأله على الآخرين. فالأمر جد خطير، يحتاج دوما إلى مراجعة ومعاتبة وتصحيح أوضاع، على المستوى الفردي والأسري والمجتمعي.

فعُمر الإنسان يتكون من لحظات وثوان معدودة، ومن عدّة أعوام يمر الواحد تلو الآخر بلمح البصر. فالإنسان يشعر وكأنّه دخل من باب وخرج من باب آخر عندما تنتهي حياته، لهذا فالساعة، واليوم، والأسبوع، والشهر، والعام.. هي اللبنات الأساسيّة التي يتكوّن منها عمر الإنسان، وهي كالعملة النادرة التي إن انقضت واحدة منها لا يمكن، ولا بأي حال من الأحوال استرجاعها.

ولقد شاهدنا الاحتفالات التي قامت على مستوى العالم بشكل مبهر وضخم ومكلف، لكن هذه الاحتفالات لن تكون لها تلك القيمة الفعلية دون أن يكون لقدوم العام الجديد وقع كبير في النفوس. فما تحتويه الدواخل أهمّ ممّا يظهر على التصرفات، التي قد لا يتعدّى كونها مشاركة ومغازلة للآخرين فقط.

ومن أهم ما يمكن أن نستقبل به العام الجديد، أن يكون لدى لكل منا رؤية لما سيقوم به، ويحدد الإنجازات التي يسعى إلى تحقيقها، وعلى ذلك يجب أن يسعى الإنسان الذي يريد أن يرتقي بحياته ويكون لها أثرا فاعلا لعمل التالي:

أولا: التخطيط الجيد لما سيقوم به في العام الجديد، حيث يجب أن يضع أهدافا عديدة تتناسب مع وضعه، وأن يلتزم العمل حتى يحقّقها على مدار العام، وأن ينظر إلى كل المتميزين ويسعى أن يكوم منهم، ويجتهد لأن تكون له بصمة في الحياة، فالإنسان إن لم يكن في زيادة فهو في نقصان. ويجب أن تراعي هذه الأهداف ثلاثة جوانب رئيسة؛ بدونها لن تستقيم الحياة هي: الجانب العقلي، والنفسي، والصحي.

وتتضمّن الأهداف التي تهتم بالجانب العقلي: المداومة على القراءة بشكل منتظم وفي مجالات مختلفة، وتعلّم المهارات الجديدة بكافّة أنواعها، والاستفادة من المجال العام في التثقيف والتوعية من خلال حضور الندوات والمؤتمرات المفيدة. أمّا الأهداف التي تهتم بالجانب النفسي، فتتضمن: القرب من الله، والاهتمام بالآخرين، والقيام بالأعمال التطوعية، والسياحة في الأرض إذا كان ذلك مستطاعا؛ لتعلم خبرات جديدة. أمّا الأهداف الصحية فمنها: الاهتمام بالتغذية الصحية، والاهتمام بممارسة الأنشطة الرياضية، والقيام بالفحوصات الدورية، وكل ما يؤدي إلى الحفاظ على البدن وتقويته.

ثانيا: استقبال العام الجديد بنفسية جيدة وبطاقة إيجابية، فالعام الجديد يعني فرصة جديدة منحها الله تعالى لنا كي نحقق ما نصبو ونطمح إليه، ولأن الله تعالى منحنا هذه الميزة، فهذا يعني ضرورة تغيير النظرة، والبعد قدر الإمكان عن نمط التفكير السلبي الذي يقلل من عزيمة الإنسان، ويبعده عن أهدافه الحقيقية التي يجب أن يقوم بها.

ثالثا: اغتنام فرصة العام الجديد للاهتمام أكثر بالعائلة والأصدقاء. فهذا الأمر ممّا سيعمل حتما على زيادة الروابط الأسريّة والاجتماعيّة، بالإضافة إلى تقوية أواصر المحبة والتعاون والتكافل بين الناس.

رابعا: الإكثار من أعمال الخير والبر والإحسان، خاصة إن كانت هذه الأعمال على مستويات واسعة ونطاق كبير، بحيث تساعد الآخرين على تحقيق أهدافهم، كأن يتمّ مساعدة الفقراء ودعمهم بكل الوسائل المتاحة، ومد يد العون للمحتاجين.

خامسا: المساهمة بشكل أو بآخر في التفكير والعمل لتطوير الذات في مجال التخصص، سواء بالتعلم المنتظم في الجامعات أو المعاهد، أو من خلال مواقع الإنترنت، بحيث تكون المحصلة في النهاية مفيدة ومثمرة، ويشعر معها الإنسان بالتطور والزيادة، حتى يستطيع أن يفيد من حوله في مجال عمله وتخصصه، ويشعر في النهاية أنه تعلّم شيئا جديدا، وأضاف مهارة أخرى لنفسه.

السيسي وإعدام الشباب

ونحن نستقبل عاما جديدا، نجد أن مجمل الأوضاع في العالم العربي تزداد سوء، وخصوصا في مصر التي هي قلب العروبة والإسلام، نتيجة للممارسات التي يمارسها السيسي، وبالأخص مع الشباب، وبشكل واضح مع المعارضين له.. فطريقة تعامله معهم إما بالقتل بدم بارد، أو الاعتقال، أو الإعدام، أو الإبعاد القسري.

فمذ انقلاب الثالث من تموز/ يوليو من العام 2017، صدرت أحكام بالإعدام على أكثر 812 معارضا مصريا في 46 قضية حتى الآن، من ضمنها 12 قضية عسكرية، في حين أحيل 1840 متهما إلى المفتي لإبداء رأيه في إعدامهم. وجاءت معظم أحكام الإعدام في مصر على معارضين للنظام الحاكم ورافضين لانقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسي، حيث تلت الإطاحة بمرسي موجة قمع لأنصاره؛ خلّفت مقتل الآلاف، معظمهم أثناء مجزرتي فض اعتصامي رابعة العدوية، والنهضة يوم 14 آب/ أغسطس 2013.

وبعيدا عن أحكام المحاكم، شهدت مصر في عهد نظام عبد الفتاح السيسي سلسلة من الاغتيالات والتصفيات الجسدية؛ شملت من عارضوا الانقلاب العسكري على المسار الديمقراطي، خاصة من الإخوان المسلمين، وقضى بعض المعارضين لنظام السيسي حتفهم، إما نتيجة الإهمال الطبي داخل السجون والمعتقلات، وإما تحت التعذيب، وإما بإطلاق النار عليهم حتى داخل شققهم.

مع كل هذا الإجرام الذي يمارسه السيسي في حق المصريين، من قتل، وأحكام بالإعدام، واعتقال لأكثر من 60 ألفا، والسيطرة بالقبضة الأمنية، وممارسة كل أنواع الإرهاب على المعارضين، إلا أننا نجد على الصعيد الدولي إخفاقا كبيرا في الوقوف ضد هذه الممارسات التي تُهدر كرامة الإنسان وتستحل دمه، دون وجه حق، مع عدم اتخاذ أي رد فعل مناسب لصد هذا الظلم والاستبداد الذي يمارسه السيسي ومن معه، ومن ثمّ وجب بذل كل الجهود لإزاحة هذا النظام الذي أهدر دماء المصريين، وأوصل مصر إلى نفق مُظلم لا يعلم مداه إلا الله.
التعليقات (0)