صحافة دولية

بعد عودته إلى لبنان هل سيعود الحريري إلى اللعبة من جديد؟

الصحيفة تساءلت عن توجهات الحريري بعد تعليق استقالته؟- أرشيفية
الصحيفة تساءلت عن توجهات الحريري بعد تعليق استقالته؟- أرشيفية

نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على عودة سعد الحريري إلى لبنان، وكيف استقبله أنصاره بالهتافات المؤيدة، بعد 17 يوما من إعلان استقالته المفاجئة من الرياض، وتساءلت عن توجهاته بعد تعليق استقالته.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن سعد الحريري، عند مشاركته في الموكب العسكري لعيد استقلال لبنان، قد أعلن تعليق استقالته بشكل مؤقت وذلك بطلب من رئيس الجمهورية ميشال عون. وفي هذا الإطار، صرح سعد الحريري أن رئيس الدولة طلب منه التريث إلى حين العودة إلى لبنان، والتحدث معه عن دوافع استقالته وسياقها السياسي.
 
وأشارت الصحيفة إلى الترحاب والدعم الذي حظي به الحريري منذ عودته إلى لبنان، ووصوله إلى بيت الوسط، حيث يقيم في بيروت. وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن "مروى"، التي كانت من بين الجمهور الذي حضر في ساحة بيت الوسط، أنها على استعداد لدعم الحريري ومنحه ثقتها وإن كانت لا تدري ما يمكنه القيام به؛ فهو بالنسبة لها يعمل من أجل مصلحة لبنان.

 

اقرأ أيضا: الغارديان: ما دلالات تعليق الحريري استقالته؟
 
وذكرت الصحيفة أن ساحة بيت الوسط والمراقبة الأمنية المشددة المفروضة على المكان، لم يسبق أن شهدت حضور عدد كبير من الأنصار كالذي حضر لاستقبال سعد الحريري. وفي الأثناء، حرص تيار المستقبل على عدم رفع أي راية أو خطاب سياسي، وحصر الحضور بين أعضائه، رافضا المقترحات المتشددة لبعض الأحزاب، أبرزها حزب القوات اللبنانية الذي يتزعمه سمير جعجع، والذي يشاطر الرياض رغبتها في تشديد الخناق على حزب الله.
 
وبينت الصحيفة أن ظهور بهية الحريري، أخت رئيس الوزراء رفيق الحريري الذي اغتيل سنة 2005، من شرفة بيت الوسط، وزيارة سعد الحريري لقبر والده حين عودته إلى لبنان، تعتبر مؤشرات مطمئنة بالنسبة لأنصاره.
 
ونقلت الصحيفة تصريحا أفاد به دبلوماسي كان له لقاء مع سعد الحريري، قال فيه: "شعرت أنني أتعامل مع رجل منهك، عانى الكثير من الصعوبات". وفي ذلك إشارة إلى القيود التي فرضت على الحريري من قبل السعودية، التي أرغمته على تقديم استقالته المفاجئة في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر. آنذاك، ندد سعد الحريري، وهو يقرأ نصا أمامه بصوت خال من أي نبرة، "استيلاء" إيران على لبنان.
 
وذكرت الصحيفة أن ما قام به سعد الحريري يعكس رغبة الأمير محمد بن سلمان في السيطرة على لبنان ومواجهة حزب الله، المصنف كمنظمة إرهابية والمتهم بدعم المتمردين الحوثيين في اليمن. ويرى المحللون أن عودة الأمير للتدخل في الشأن اللبناني مدمرة، لأنها لم تأخذ بعين الاعتبار الوضع الأمني الهش، في حين يندد آخرون علنا بالمواقف الجديدة التي تتناقض مع السياسة السعودية الحذرة والمحافظة.
 
في المقابل، يعترف بعض المتخصصون المتابعون للوضع في المنطقة، بصعوبة التنبؤ بالنوايا السعودية، فيما تنشط الدبلوماسية الفرنسية والمصرية في هذا السياق لتكون بمثابة درع للبنان. وحيال هذا الشأن، قال مصدر مطلع على الوضع أن "الهدف من ذلك هو الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الإطار المؤسسي اللبناني".
 
وأوردت الصحيفة أن تصريح رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، يمكن أن يفهم على أنه إعلان لبقائه في اللعبة السياسية اللبنانية، حيث قال "شكرا لحضوركم، أنا هنا لأضمن لكم أننا نمثل الوسطيين والحداثيين وأنصار الاستقرار. ليس لدينا إلا بلد واحد، وسيبقى شعاري ما حييت لبنان أولا".

 

اقرأ أيضا: صحف سعودية تعلق على تراجع الحريري عن الاستقالة‎
 
وأفادت الصحيفة بأن سعد الحريري حث ضمنيا حزب الله على الحفاظ على الاستقرار الداخلي وعلى علاقات الأخوة مع الدول العربية، وتبني "سياسة البقاء بعيدا عن الحروب الصراعات الخارجية". فهذا الحزب الشيعي يشارك بقواته خارج الأراضي اللبنانية، خاصة في سوريا حيث يقاتل لنصرة بشار الأسد. وعلى الرغم من أن الحريري قد هدد بقطع أيدي التحالف الإيراني عندما كان في الرياض، إلا أنه الآن يدعو إلى بناء شراكة حقيقة مع جميع القوى السياسية.
 
وذكرت الصحيفة أن النائب أحمد فتفت، الذي كان بين الحشود في بيت الوسط، حاول تلخيص المعادلة السياسية الجديدة التي طرحها رئيس الوزراء قائلا "لقد أعاد إلى الطاولة التسوية التي سادت حتى ذلك الحين، والتي تشكلت بموجبها الحكومة الحالية، والكرة الآن لدى المعسكر الآخر".
 
كما أشارت الصحيفة إلى أنه من عادة الإعلام اللبناني أن يتابع أخبار السياسيين لحظة بلحظة، إلا أنه لم يتمكن هذه المرة من معرفة ما إذا كان سعد الحريري سيتمسك باستقالته أم لا، وذلك بعد لقائه الشخصي بالرئيس اللبناني وفق العرف الدستوري.
 
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن العنصر الملموس في الوضع اللبناني هو الاعتدال الجديد، الذي يميز النبرة التي اعتمدها حزب الله منذ بداية الأزمة. ومع ذلك، لا تزال العديد من الأسئلة من دون إجابات لعل أبرزها تتمحور حول علاقة سعد الحريري بمحمد بن سلمان، وقدرته على مخالفة السعودية، ومدى التنازلات التي يمكن لحزب الله تقديمها من أجل لبنان مستقر.

التعليقات (0)