مقالات مختارة

وفاة "عاكف" بالسجن.. المعنى والدلالة!

محمود سلطان
1300x600
1300x600
كما كان متوقعا، توفي المرشد الأسبق مهدي عاكف، داخل السجن.. ولم يشفع له سنه "90 عاما" ولا مرضه "السرطان"، وظلت السلطات المصرية، متشددة إزاء حملة مناشدات إنسانية واسعة للإفراج الصحي عنه!
 
ولا يوجد تفسير "منطقي" لمثل هذا التطرف الرسمي، سواء مع عاكف أو مع آخرين ينتظرون مصيرا مشابها، مثل الخضيري ومجدي حسين وهشام جعفر، خاصة أن قرارا سياديا صدر بـ"الإفراج الصحي" لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، الذي أدين بقتل مغنية لبنانية، في جريمة هزت المجتمع المصري، لفصولها المثيرة التي اختلطت فيها السياسة بالنفوذ والثروة والسلطة والجنس!
 
بعدها شوهد القاتل "المريض" بالشورت وهو في استقبال وزيرة بالحكومة على يخت مملوك لرجل أعمال خليجي شهير.. وبدت عليه حيويته واسترجاع شبابه مجددا.. ما أثار ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، سخرت من قرار الإفراج عنه، وقد تواترت أخبار تحدثت عن أن القاتل المفرج عنه، تصرف ـ قبل إطلاق سراحه ـ بسخاء، مع مشروعات بالعاصمة الإدارية الجديدة.

المفارقة هنا، كاشفة لوجود فرز في قرارات الإفراج الصحي، لا تستند بالتأكيد إلى أسباب إنسانية وإنما إلى أسباب أخرى، خارج إطار القانون.. تشبه التصفية بدون رقابة قضائية.

من يعيد قراءة آخر تقارير حقوق الإنسان، والتي أدانت السلطات المصرية، يلحظ تلميحها إلى ما أشرت إليه فيما تقدم، ورجحت تعرض المعتقلين لـ"الابتزاز".. والأخيرة بكل حمولتها، أبرقت رسائل إلى العالم، تشير إلى وقوع المصريين تحت تهديد حقيقي، لغياب وجود الدولة بمعناها  كضامن لحقوق مواطنيها.
 
قد يعتقد "الهواة" في السلطة، أن هذا التشدد الارتجالي والانفعالي، يعزز من هيبة الدولة.. فيما هي في واقع  الحال، نوع من الطيش السياسي، الذي يهدر الاثنين معا: الهيبة والدولة.
 
فالدولة توجد حيث ينزل الجميع عند حكم القانون.. والهيبة لا تأتي من الخوف والترويع وتصفية المعارضين.. وإنما من الاحترام.

فضلا عن أنه من الصعب إقناع أحد بـ"الهيبة" فيما يرونها رأي العين، تقدم قربانا على عتبات حاملي الشيكات، في قوى إقليمية، كانت منذ وقت قريب، تطوف آناء الليل وأطراف النهار، حول القصور الرئاسية في القاهرة، تطلب الرضا والحماية والدعم.
 
متابعة الأداء الرسمي، في كل الملفات، لا يجعلنا نتفاءل، بشأن أمور كثيرة، من بينها بالتأكيد ملف حقوق الإنسان، ولن يكون عاكف، آخر من دخلوا السجون أحياء، وخرجوا منها جثثا محمولة على النعوش.. ففرص تحسين الصورة أهدرت.. مثلها مثل ما أهدر من ملفات بعضها ماس بالكبرياء الوطني.

المصريون المصرية
0
التعليقات (0)