قضايا وآراء

"الذكرى الرابعة للأحكام الجائرة في قضية قائمة الــ94"

أحمد الشيبة النعيمي
1300x600
1300x600
يصادف هذا اليوم الثاني من يوليو الذكرى الرابعة لفضيحة القرن الحقوقية والقانونية في الإمارات والتي تمثلت بصدور الأحكام التعسفية في حق قائمة الـــ94 من أحرار الإمارات في سنة 2013م بعد سلسلة من الانتهاكات الحقوقية والدستورية التي تنوعت بين الاختطافات والتعذيب والإخفاء القسري والعقوبات الجماعية التي طالت أهالي المعتقلين والناشطين الحقوقيين والأكاديميين الأحرار.

 لقد كان هذا اليوم بمثابة الإشهار سيئ الصيت عن دخول الإمارات رسمياً في نفق مظلم بعد التشريع للقمع وانتهاك الأعراف القانونية والإنسانية وتهديد السلم الاجتماعي. وقد انضاف إلى قائمة المعتقلين الأحرار عدد كبير من الحقوقيين والناشطين الذين مارسوا حريتهم في التعبير عن انزعاجهم من هذه المحاكمة الجائرة فكان مصيرهم السجن والإخفاء القسري في ظل حكومة السعادة والتسامح. وطالت هذه الاعتقالات حتى بعض المستشارين المقربين من دائرة الحكم لمجرد الإفصاح عن رغبتهم بتحسين مناخ الحريات السياسية. وقد ترافق مع هذه الانتهاكات تشريع قوانين عدة تهدف إلى توفير الإطار القانوني لجرائم السلطة في انتهاك حقوق وحريات المواطنين وقمع جميع مظاهر حرية التعبير وحقوق الإنسان. لقد كان هذا اليوم بمثابة إعلان وفاة لمؤسسات العدالة التي استحوذ عليها جهاز الأمن وحولها إلى أداة لتشريع القمع والانتهاكات. ومنذ هذا اليوم ومعاناة إخواننا في المتعقلات تتصاعد والقمع الذي يتعرضون له يتفاقم ووصل إلى مراحل لم يكن يتصور عاقل أن تحدث في مجتمع عربي ومسلم حيث يتعرض السجناء لجميع أنواع الإذلال والمضايقات ولا يظهر من هذه المضايقات إلى العلن إلا القليل النادر ومنها ما تعرض له الأخ عمران الرضوان من إذلال في التفتيش وخلع الملابس دفعه إلى الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام ومع تدهور حالته الصحية يوماً بعد آخر وإصراره على الاستمرار في الإضراب حتى التحقيق مع الحراس، فإن إدارة السجن ترفض باستكبار هذه المطالب الإنسانية البسيطة التي توفر للسجين الحد الأدنى من الكرامة.

 ويبدو واضحا أن تساهل المجتمع الدولي ومشاركته في هذه الجرائم التي يتعرض لها دعاة الإصلاح في الإمارات قد فتح شهية جهاز الأمن لممارسة المزيد من القمع، بل وتصدير هذا القمع إلى الدول الأخرى. وما كشفته تقارير منظمات حقوقية دولية من فضائح الاعتقالات والإخفاء القسري والقتل خارج القانون في سجون سرية تديرها الإمارات في جنوب اليمن يوضح بعض مظاهر هذه  الانتهاكات الخطيرة والتي تضمنت "التعذيب الممنهج الذي ينتهي بحياة المساجين إلى الإصابة بالعاهات الجسدية، والحالات النفسية، وبالبعض منهم إلى القبور". ووثقت التقارير شهادات تحدثت عن فقدان أحد السجناء بصره جراء التعذيب، وتشوه ملامح وجه معتقل آخر، وإدخال الثعابين على المعتقلين لإجبارهم على الاعتراف بتهم لم يرتكبوها مع انتهاكات جنسية وصلت إلى درجة الاغتصاب واحتجاز المعتقلين في غرفة قذرة ملطخة بالمخلفات البشرية، حسب اعترافات بعض جنود قوات النخبة الحضرمية.

ويكشف هذا التوسع في الانتهاكات أن فاشية القمع التي تجاوزت الداخل إلى الخارج بحكم طبيعتها السادية العدوانية سوف تتفاقم باستمرار حتى تكتشف دولة الإمارات فجأة نفسها وهي مصنفة في القوائم السوداء لأبشع السلطات التي مارست الانتهاكات في حقوق مواطنيها وغيرهم، وحينها تصبح الدولة عرضة لأبشع أنواع الابتزاز العالمي. والقوى الدولية التي تصفق للقمع اليوم سراً ستتخلى عنا غداً عندما تصبح عاجزة عن تحمل هذا السجل الأسود لدولة حليفة. وكلما تورطت السلطة أكثر في ممارسة هذه الانتهاكات فقدت استقلاليتها وارتهنت أكثر للقوى الدولية ووضعت كل مقدرات الدولة في سبيل خدمة أجندة أعداء أمتنا العربية والإسلامية.

لقد حان الوقت لارتفاع جميع العقلاء والشرفاء والمطالبة بإعادة النظر في أوضاع ضحايا الاعتقالات والمحاكمات غير العادلة وتوفير مناخات قانونية نزيهة وشفافة لإنصاف جميع الضحايا وفي مقدمتهم قائمة الـــ94. وبدون مراجعة هذه السياسيات فإن فاشية القمع والعنف ستقود النظام إلى التورط في الكثير من الانتهاكات في الداخل والخارج حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
التعليقات (0)