سياسة دولية

ما هو سر تحرك تنظيم الدولة نحو طهران.. ولماذا الآن؟

داعش إيران
داعش إيران
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على الأسباب التي دفعت تنظيم الدولة لاستهداف إيران، بهجومين تعرض لهما مبنى مجلس الشورى (البرلمان)، وضريح الإمام الخميني مؤسس الجمهورية الإيرانية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن "تنظيم الدولة قد تبنى هذين الهجومين المسلحين وفقا لما ورد على لسان وكالة أعماق الإخبارية التابعة له". 

ويعد هذا الهجوم الأول من نوعه للتنظيم داخل الأراضي الإيرانية، حيث تعمد المسلحون تنفيذ الهجوم الأول بالقرب من مبنى مجلس الشورى الإيراني، في حين طال الهجوم الثاني مرقد الخميني قائد الثورة الإيرانية. 

وذكرت الصحيفة أن إيران تعد هدفا رئيسيا بالنسبة للتنظيم كما تعد من بين أولوياته، خاصة وأن هذه الدولة الشيعية تطارد المقاتلين السنة في العراق من خلال دعم وتسليح الميليشيات الشيعية والجيش العراقي. فضلا عن ذلك، أصبح الحضور الإيراني جليا للعيان في سوريا، حيث يقف الحرس الثوري، القوة العسكرية الرسمية في إيران، إلى جانب نظام بشار الأسد.

إضافة إلى ذلك، تدعم طهران جل الميليشيات الشيعية المقاتلة في سوريا على غرار حزب الله اللبناني وباقي الميليشيات العراقية والأفغانية والباكستانية. 

من جهتها، أكدت السلطات الإيرانية أنها تقاتل المجاهدين السنة في كل من سوريا والعراق لكي لا تواجههم على أرضها وبين شعبها. 

وأشارت الصحيفة إلى أن تنظيم الدولة قد كثف جهوده خلال الأشهر القليلة الماضية بهدف نشر دعايته بين الأقلية السنية التي تبلغ نسبتها 15 بالمائة من مجموع سكان إيران. وفي هذا الإطار، وجه تنظيم الدولة رسالة فيديو خلال شهر آذار/ مارس، دعا من خلالها الأقلية السنية في إيران إلى النهوض في وجه دولة الفقيه، علما وأن الفيديو ضم رسائل مسجلة باللغة الفارسية. 

وأوردت الصحيفة أن العمليات الإرهابية التي استهدفت إيران تعد سابقة من نوعها، ولكنها ليست المحاولة الأولى لتنظيم الدولة. ففي مطلع سنة 2015، أعلنت السلطات الإيرانية تفكيكها لخلية إرهابية تابعة لتنظيم الدولة كانت بصدد الإعداد لشن هجمات تستهدف طهران. وفي شأن ذي صلة، كانت إيران منذ سنتين مسرحا لعمليات إرهابية نفذتها حركات إسلامية محلية طالت تحديدا كلا من محافظة سيستان وبلوشستان، ذات الأغلبية السنية، التي تقع جنوبي شرق إيران.

والجدير بالذكر أنه، وفي خضم العرس الانتخابي الإيراني، الذي أعيد فيه ترشيح حسن روحاني لنيل منصب رئيس البلاد، قامت جماعة جيش العدل السنية، التي تتهمها طهران بالتعامل مع باكستان، بقتل عشرة جنود من حرس الحدود الإيراني يوم 19 أيار/ مايو.  

وقالت الصحيفة إن الهجمات التي هزت طهران، الأربعاء، تحمل في طياتها نية مبيتة من قبل المهاجمين الذين تعمدوا استهداف مواقع ذات بعد رمزي كبير في إيران على غرار مجلس الشورى الإيراني، أو مراكز ذات رمزية دينية وثورية مثل ضريح الإمام الخميني. وعلى الرغم من أن هذه الأماكن تخضع لاحتياطات أمنية مشددة، إلا أن تنظيم الدولة نجح في تخطيها وتنفيذ مخططاته.

وأفادت الصحيفة أن هجوم طهران قد فند ما ادعاه الرئيس الإيراني، خلال حملته الانتخابية، حيث أكد أن إيران تمكنت من الحفاظ على أمنها على الرغم مما يعانيه جيرانها من عدم الاستقرار على غرار أفغانستان، والعراق، وسوريا. 

وفي السياق ذاته، أقر روحاني بأن الفضل في ذلك يعود للمجهود الجبار الذي يقوم به جهاز المخابرات وجهاز الأمن الإيراني. 

 ومن المتوقع أن تتخذ السلطات الإيرانية عدة إجراءات وتدابير أمنية في أعقاب العملية الإرهابية الأخيرة. وفي هذا السياق، عمدت الحكومة الإيرانية إلى تعزيز القوات الأمنية في المناطق الحدودية ذات الأغلبية السنية على غرار محافظة سيستان وبلوشستان. وتجدر الإشارة إلى أن سنة إيران يعانون من سياسة التمييز التي تمارس ضدهم بشكل ممنهج في الجامعات ومراكز التشغيل. فقد تعمدت أجهزة الأمن تشديد الرقابة على المناطق التي ينتشرون فيها داخل إيران تزامنا مع اقتحام تنظيم الدولة لمدينة الموصل العراقية سنة 2014.

وأوردت الصحيفة أن رواد الإنترنت الإيرانيين قد أطلقوا على مواقع التواصل الاجتماعي دعوة عالمية للتضامن مع ضحايا طهران، آملين أن يندد الغرب بهذا العمل الإرهابي كما استهجن مؤخرا هجوم مانشستر في المملكة المتحدة.

من جانب آخر، اتهم إيرانيون على منصات التواصل الاجتماعي المملكة السعودية، منافس إيران الأول في المنطقة، بأن لها يدا في الهجمات الأخيرة التي هزت طهران. ولم يقتصر هذا الموقف على رواد الإنترنيت، حيث لم يستبعد الحرس الثوري الإيراني اضطلاع كل من الرياض وحليفها الأمريكي في هذا هجوم. في المقابل، تعتبر السلطات الإيرانية تنظيم الدولة بمثابة صناعة سعودية تحت إشراف أمريكي هدفه نشر الفوضى العارمة في بلدان حليفة لطهران على غرار سوريا والعراق. 

وفي الختام، أفادت الصحيفة أنه وفي ظل أزمة الخليج الأخيرة التي تشهدها المنطقة، أعربت طهران عن مساندتها لقطر التي تدير معها بالتناوب أحد أهم حقول الغاز في العالم. وفي الإطار ذاته، ذكرت مصادر إيرانية رسمية أن طهران على استعداد تام لفتح مجالها الجوي أمام الخطوط الجوية القطرية، فضلا عن إرسال شحنات من الأغذية إلى الدوحة عبر الخليج الفارسي في حال تواصل الحصار الخليجي المفروض على هذه الإمارة الصغيرة.
التعليقات (0)