مقالات مختارة

الحرب النفسية

أحمد حسن الشرقاوي
1300x600
1300x600
يتوقع الأعداء دائما أن تنهزم من الداخل؛ لأن الهزيمة النفسية هي الهزيمة الحقيقية. المهزوم نفسيا يسقط السيف من يده دون أدنى مقاومة من خصمه، والمهزوم نفسيا هو الذي لا يرى أن بالإمكان أبدع مما كان، والمهزوم نفسيا يخفي هزيمته خلف مقولات مثل: (الواقعية) أو (البراجماتية) أو (الأمر الواقع) الذي يتعين أن نتعامل معه.

حرب الأيام الستة عام 1967 تعد أبرز انتصار لإسرائيل على العرب والمسلمين جميعا. ففي 6 أيام، استولى الكيان الصهيوني على مساحات من الأرض تعادل ثلاثة أضعاف مساحته الأصلية: قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء بالكامل من مصر، الضفة الغربية والقدس الشرقية من الأردن، هضبة الجولان من سوريا.

ومع هذه النتائج المادية الواضحة للانتصار الإسرائيلي والهزيمة العربية، فإن الأخطر كما أشار إليه ملف نشرته مجلة «إيكونوميست» البريطانية في عددها الصادر في 18 مايو الماضي، هو أنه بعد نصف قرن من هذا الانتصار الإسرائيلي فإن الهزيمة العربية لا تزال تترسخ في نفوس العرب والمسلمين، وأن هذا أبرز نجاحات إسرائيل في هذه الحرب، وفقا لإيكونوميست.

منذ تأسيس دولة الكيان الصهيوني حرصت إسرائيل على تأسيس جهاز قوي للاستخبارات الخارجية، وتم فصل (الموساد) عن عصابات الهاجاناه التي تأسس في ظلها وأصبح تابعا للدولة في إسرائيل.
كان الصهاينة الأوائل يدركون أهمية دور أجهزة الاستخبارات في تحطيم معنويات الخصوم، وجعلهم طوال الوقت غير قادرين على الوقوف في وجه إسرائيل. وكل أجهزة الاستخبارات في العالم تتكون من فرعين رئيسيين هما: فرع جمع وتحليل المعلومات، وفرع آخر مخصص للعمليات التي يقوم بها الجهاز في الداخل أو في الخارج.

المثير أن جهاز الموساد الإسرائيلي هو جهاز الاستخبارات الوحيد في العالم الذي يشذ عن تلك القاعدة المتعارف عليها في تقسيم أعمال أجهزة الاستخبارات فهو يضم إلى جانب فرعي (جمع وتحليل المعلومات) و(فرع العمليات) فرعا ثالثا يتميز به عن بقية الأجهزة الاستخبارية في العالم كله. هذا الفرع هو: فرع الحرب النفسية !!

وتأمل اسم الفرع الثالث للموساد: الحرب النفسية، لتعرف أن هذا الفرع يستخدم ناتج الفرعين الآخرين لخدمة أهداف الدولة الصهيونية. إسرائيل ليست لديها قوة جبارة لا نستطيع اللحاق بها أو تحديها، إسرائيل تنتصر علينا في كل الميادين بهزيمتنا نفسيا وتحطيم معنوياتنا، وهي تعيش على خلافاتنا وتستفيد منها وتوظفها لخدمة أهدافها.

المستفيد الأوحد من الخلافات العربية- العربية هو: إسرائيل.

ورحم الله أيام حرب أكتوبر 1973 حينما وقفت الدول العربية وقفة رجل واحد: حاربت وناورت وقطعت البترول عن الغرب كله، فاوضت ونجحت، لكن اتفاقا مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات جعل الحرب «حرب تحريك» لا «حرب تحرير»، وغايتها النهائية الدخول في مفاوضات مع إسرائيل وهو ما حدث بتوقيع المعاهدة المصرية الإسرائيلية في العام 1979.

عندما يخفقون في كسر إرادتنا يستخدمون أجهزتهم الاستخباراتية لتحطيم معنوياتنا أو شراء بعض ضعاف النفوس.. المهم: تحقيق أهدافهم ومنعنا من تحقيق الحد الأدنى من أهدافنا;

العرب القطرية

0
التعليقات (0)