صحافة دولية

الكاف تنذر الحكومة التونسية.. الإضراب بداية التصعيد

 أهالي مدينة الكاف يعتزمون المضي قدما من أجل تفعيل مطالبهم المقدمة للحكومة- أ ف ب
أهالي مدينة الكاف يعتزمون المضي قدما من أجل تفعيل مطالبهم المقدمة للحكومة- أ ف ب
نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن خروج حوالي ألف متظاهر من مواطني مدينة الكاف في مسيرة للمطالبة "بالتنمية"، وتعدّ هذه المسيرة تحذيرا شديد اللهجة موجها للحكومة التونسية.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مدينة الكاف، التي تبعد قرابة 160 كلم عن العاصمة التونسية، شهدت مؤخرا مظاهرات انطلقت من أحواز المدينة نحو مركزها. ولم تشهد هذه المسيرة أعمال عنف، بل كانت سلمية، ولم ترفع فيها الكثير من اللافتات، ولم تتعالَ فيها الأصوات. وقد سجلت المظاهرات حضور عدد كبير من الرجال يحمل بعضهم أطفاله على رقابهم، إضافة إلى التواجد الأمني المكثف.
 
وذكرت الصحيفة أن أهالي الكاف يعتزمون المضي قدما من أجل تفعيل مطالبهم المقدمة للحكومة، والتي تتمثل أساسا في إنجاز المشاريع التنموية. والجدير بالذكر أنه منذ أسبوع تعالت الأصوات المنادية بإضراب عام على خلفية عدم استجابة الحكومة لمطالب الجهة. 
 
وأضافت الصحيفة أن المراسلين لاحظوا، منذ خروجهم من العاصمة نحو الكاف مرورا بولاية سليانة، عدة محلات ومقاه مغلقة، كما لاحظوا كثافة نقاط التفتيش التابعة للشرطة في مفترق الطرقات المؤدية لمدخل مدينة الكاف. وأكثر ما شد انتباه المراسلين مشاركة جل أهالي الكاف في الإضراب العام، حيث أغلقت البنوك والإدارات والصيدليات أبوابها، وهذا يدل على أن نسبة المشاركة في هذا الإضراب بلغت 100 بالمئة.
 
وأكدت الصحيفة أنه في ظهيرة ذلك اليوم عادت الحياة تدريجيا إلى طبيعتها في الكاف. ونظرا لنجاح الإضراب، فإن المضربين نجحوا في بعث رسالة شديدة اللهجة إلى نخب البلاد الاقتصادية والسياسية والمسؤولين في الدولة، مفادها أن هذا الإضراب مجرد احتجاج وقتي لا غير. ولكن في حالة عدم استجابة الحكومة لمطالب الجهة، فإن الأهالي سيلجؤون إلى التصعيد في نسق الاحتجاجات. وتجدر الإشارة إلى أن ما تمر به الكاف من حالة احتقان تزامن مع الاحتجاجات التي تشهدها عدة ولايات أخرى منذ ثلاثة أسابيع، وعلى رأسها ولاية تطاوين.
 
وذكرت الصحيفة أن المزايدات السياسية غابت عن مسيرة الكاف، وبالتالي، فإن أغلب المشاركين في المظاهرة كانوا من أهالي المنطقة، ومن بينهم أولئك الذين أرهقتهم البطالة. وتعدّ ولاية الكاف من مناطق الظل، التي عانت من التهميش منذ فترة حكم الدكتاتور بن علي. وعلى الرغم من اندلاع ثورة سنة 2011، إلا أن الولاية ما زالت تعاني من المشاكل ذاتها، والأمر سيان بالنسبة لبقية الولايات الداخلية، على غرار جندوبة، والقصرين، وسليانة، وتوزر، وتطاوين. 

وها هي الآن هذه المناطق تتظاهر بصفة سلمية وتطوعية للتذكير بمطالب التونسيين، التي تتمثل أساسا في التمتع بالحقوق الأساسية. وتتمحور جل هذه المطالب حول المطالبة بالحق في تركيز البنى التحتية، وبعث مشاريع تنموية على المدى القصير والمتوسط والطويل. وعلى هذا الأساس، تظاهر أهالي الكاف أمام مقر الولاية؛ لتذكير السلطة وممثليها بضرورة التعجيل في تلبية هذه المطالب. 
 
وأشارت الصحيفة إلى أن "مناطق الظل" في تونس احتضنت الشرارة الأولى لثورة 2011، التي انطلقت تحديدا من ولاية سيدي بوزيد، قبل أن تنتشر في باقي الولايات الداخلية. ورغم أن الأوضاع الحالية لا توحي بإمكانية اندلاع ثورة جديدة، إلا أن هذه المناطق ما زالت تعاني من التهميش. ومن هذا المنطلق، فإن المناطق الداخلية بعيدة كل البعد عن عبير الياسمين ونسيم البحر وعن اهتمامات النخب التونسية، ولا يمكن تضميد جراحها بتقديم وعود واعية. 
 
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أنه في الوقت الذي تعيش فيه الكاف إضرابا عاما، أجرى رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، زيارة إلى ولاية صفاقس؛ لاتخاذ بعض التدابير لفائدة هذه الجهة. وتعدّ هذه الزيارة فاتحة لعدة زيارات جهوية أخرى.
 
الصحيفة: لوبوان
الكاتب: بنوا دلما
التعليقات (0)