المعركة معركة مدن وحرب عصابات تكون خسائرها الأساسية في المدنيين الذين يدفعون فاتورة حساب حكومات فاشلة، غامرت بالوطن والشعب ولم تستطع حمايته، كما لا تستطيع تأمينه والخروج من سلسلة مغامراتها الفاشلة السقيمة.
مدير المخابرات الأمريكية يلطم على مصير سوريا والعراق، ويذرف دموع التماسيح المزيفة متناسيا بأن السياسة الأمريكية تقف خلف مصائب الشرق، كما أن التدخلات الدولية الفظة في التجاوز على خيارات شعوب المنطقة قد لعبت أدوارا حاسمة فيما يسود من انهيار.
رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي لا يقود حكومة تعمل ببرنامج زمني أو استراتيجي محدد، بل يدير لعبة سقيمة فاشلة، ويتلاعب بأوراق ورموز أزمة مستمرة منذ وقت طويل، والفساد الذي تحدث عنه وزير الدفاع ليس بالجديد، بل إن حكومة العبادي بحد ذاتها هي نتاج عملية فساد سلطوي كبرى للحكومة السابقة.
قادة الحشد لا يخفون مطامحهم المعلنة من أن الهدف الأساسي لأيديولوجية الحشد الطائفي، هو إشهار مؤسسة (الحرس الثوري العراقي)! ويبدو أن حيدر العبادي بات عاجزا عن مقاومة الضغوط فلجأ لأسلوب الإدماج! فهل سيأكل المندمجون الجو وينجحون في جعل الحرس الثوري العراقي واقعا ميدانيا؟
لا شك أن إيران اليوم بحالة نزيف عسكري عنيف جدا لدعم مواقعها في الشرق، لذلك كان رد السلطة على الاحتجاجات الشعبية في الأحواز العربي وفي كردستان إيران ردا قويا وقمعيا، مورست فيه أقصى درجات العنف السلطوي المفرط وسقط عدد من القتلى في شوارع المدن العربية والكردية في إيران.
التصريحات التهديدية الوقحة التي يطلقها عملاء ووكلاء إيران في عصابات الحشد العراقي الطائفي العدواني ضد المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي عموما، لا تشكل مجرد حملات لفظية عابرة, بقدر ماهي تعبير عن سياسات ومواقف حقد تاريخية.
رفسنجاني هو أكثر القادة الإيرانيين الذين يعرفون توقيتات الهجوم والإنسحاب! وهو بتحذيراته يستبق كارثة محتملة قادمة؟ فهل سيستمع الإيرانيون لصوت العقل ويستفيدون من الخبرة التراكمية لقطب مؤسس من أقطاب نظام ما زال محتارا في تحديد مجالاته الحيوية.
الواقع أن العبادي لايمتلك سيطرة ولا مقدرة ولا قيادة تمكنه من السيطرة على تصرفات قادة الحشد كونهم لا يتلقون الأوامر منه، بل من جنرال الحرس الإيراني (قاسم سليماني)، الذي حرص على الحضور والوجود ميدانيا؛ إثباتا لقوة الدعم الإيراني لمعركة الفلوجة!
تظل مدينة (الفلوجة) العراقية رمزا شاخصا للمقاومة الوطنية العراقية، التي أدمت أنوف الاحتلال وأهله، وتظل المجازر البشعة المقترفة بحق أهلها وحولها ملحمة تاريخية يسطرها التاريخ ضمن صفحات الوحشية المفرطة في قلب القرن الحادي والعشرين!
الوضع السوري مهدد بالمزيد من التصعيد؛ بسبب تصاعد نزعات الثأر لدى مختلف أطراف الصراع، الذي تحول فعلا وواقعا لحرب كونية مصغرة تختصر فيها وتمر من بواباتها الدموية المشرعة مختلف الرؤى والتوجهات.
طبيب الأطفال الذي تحول لدبلوماسي ثم استراتيجي أمني علي أكبر ولايتي، يحمل سيف المواجهة المباشرة ضد شعوب المنطقة، ويرسم الخطوط والحدود ويضع إطار السيناريوهات!
سليماني ليس سوى رمز سيئ لمرحلة عراقية سيئة اختلطت فيها الأوراق، لكن الطريق واضح وصريح وهو ينبذ تلك النماذج المريضة التي سنشهد تداعيها وغروبها عن المسرح الإقليمي، وأساليب طهران الخبيثة في تسويق حثالاتها لن تجدي نفعا.
جريمة العصر تقترف هذه الأيام، وأمام عيون العالم المنافق، عبر عمليات القصف التدميري والحاقد الكامل للمدنيين الأبرياء في مدينة حلب، من قبل الطيران الروسي الإرهابي والسوري المجرم، وفي ظل غياب تام عن أي شرعة دولية، أو قوة عادلة بإمكانها نصرة المظلومين ولجم الظالمين،
الضرورات الاستراتيجية الملحة تحتم على صانع القرار السياسي العربي الإسراع في فتح ملف التعاون الوثيق مع حركة المقاومة الوطنية الإيرانية والاستفادة من تاريخها وارثها النضالي وخبراتها الميدانية وبناء علاقات مستقبلية قوية مع الشعوب الإيرانية تنهي فصول الصراع العبثي وتؤسس لتعاون إقليمي.
يريد النظام الإيراني من خلال السيطرة الكاملة على مدينة حلب إخضاع الشمال السوري بالكامل، وفرض واقع عسكري وسياسي جديد يحمي النظام وبما يحمي مصالحهم التي ستتطاير مع الريح. كل الخيارات الإيرانية والروسية العدوانية بائسة وفاشلة..