صحافة دولية

هل تمثل وفاة إبراهيم رئيسي ضربة للنظام الإيراني؟

 رئيسي كان جزءا من خطة خامنئي لتقوية النظام- إكس
رئيسي كان جزءا من خطة خامنئي لتقوية النظام- إكس

أعلن مرشد الجمهورية الإيرانية الإسلامية، علي خامنئي، الحداد خمسة أيام في البلاد، إثر مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي المفاجئ في حادث تحطم مروحية كانت تقله إلى جانب عدد من المسؤولين.

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقال رأى لأندرو إنغلاند قال فيه إن مقتل رئيسي يعتبر ضربة للنظام الإيراني ومرشده علي خامنئي، مضيفة أن هذا لا يعني أن رئيسي كان رئيسا ينفذ سياسات راديكالية ستعيد تشكيل مستقبل الجمهورية الإسلامية.

وسيظهر التاريخ أن فترته القصيرة في الحكم لن تترك إلا أثرا قليلا مقارنة مع أسلافه مثل محمد خاتمي، الذي تبنى خطا إصلاحيا أو حسن روحاني، السياسي الذي تبنى سياسات وسطية وكان مهندسا رئيسيا لاتفاق عام 2015 النووية مع الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب.

وأشار كاتب المقال إلى أن رئيسي كان ومن الوهلة الأولى التي انتخب بها لخلافة روحاني، جزءا من خطة خامنئي لتقوية النظام والتأكد من خلافة سلسلة له، المسألة التي هيمنت على السياسة الإيرانية، طوال العقد الماضي وستظل قائمة حتى بعد وفاة رئيسي.

أكد أن فوز رئيسي في الانتخابات الرئاسية كان مرتبا بعناية، وجرى استبعاد المرشحين المحافظين والإصلاحيين، ونظر إليه باعتباره أحد تلاميذ خامنئي والمرشح المحتمل لخلافته، وبنفس المثابة جرى ترتيب انتخابات البرلمان هذا العام خدمة لهذا الغرض.

اظهار أخبار متعلقة


ومنع روحاني من الترشح للبرلمان، مما فتح المجال أمام جيل من النواب المؤدلجين والمتشددين للتقدم والسيطرة على المؤسسة التشريعية.

وتابع كاتب المقال أن خامنئي بدأ وكأنه يعيد ترتيب بيته، ولكن لا أحد يعرف أن رئيسي الذي شهدت فترته الرئاسية اضطرابات وزيادة في التضخم وألام اقتصادية وتراجع في قيمة الريال الإيراني، سيكون خليفة لخامنئي لو لم يمت، فهناك نجل المرشد، مجتبى الذي ينتظر في الجناح، إلا أن ولاء رئيسي للمرشد ساعد على تقديم صورة عن كتلة محافظة موحدة حول أهداف ورؤية المرشد وتجنب الخلافات التي طبعت الرئاسات السابقة مع مكتب المرشد.

وقال إنغلاند إن من المتوقع أن يرشح رئيسي نفسه لفترة ثانية في انتخابات العام المقبل، إلا ان وفاته تضع خطط المرشد لترتيب البيت أمام تحد، فيجب على البلاد التحضير لانتخابات بعد 50 يوما، ومع ذلك فوفاة رئيسي لن تؤثر في النهاية على سياسات النظام الداخلية والخارجية، نظرا لأن مسارها يقرره مكتب المرشد وليس الرئيس.

والمهم في الوضع الحالي، هو أن البلد لا يحب أن يظهر بمظهر الضعيف أو يواجه حالة عدم استقرار سياسي، بعد فترة من التظاهرات المعارضة للنظام وحالة من التوتر الإقليمي بسبب الحرب المستمرة في غزة منذ ثمانية أشهر.

وتوقع كاتب المقال أن يعبر الكثير من الإيرانيين عن غضبهم من النظام بعدم التصويت، كما فعلوا في عام 2021 الذي شهد انتخابات رئاسة تعتبر الأدنى مشاركة منذ عام 1979 وكذا انتخابات البرلمان هذا العام التي بلغت المشاركة فيها أدنى من نسبة 41%. وكان هذا محرجا للجمهورية التي حاولت تقديم شرعيتها من خلال مظهر من الديمقراطية، إلا أن انتخاب الرئيس السابق والبرلمان الحالي قدما صورة عن استعداد المرشد عن التضحية بهذا المظهر الديمقراطي والتأكد من هيمنة جناحهم على النظام، وستتواصل هذه السياسة بدون أي أمل لملايين الإيرانيين الذين خاب أملهم بالنظام وبدون فسح المجال أمام مشاركة للإصلاحيين والتأكد من استمرار المتشددين بالتحكم في أمور النظام.

اظهار أخبار متعلقة


وأردف أنه على صعيد السياسة الخارجية، وازن المرشد في محاولته إبعاد النزاعات الإقليمية عن شواطئ إيران ما بين النزعة المحاربة مع الاحتلال الإسرائيلي والغرب ورد مدروس على تداعيات الحرب في غزة، فمن جهة دعمت إيران جماعات موالية لها في العراق ولبنان واليمن وسوريا أو ما تطلق عليها محور المقاومة، لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، لكنها أكدت على استقلالية قرارها عن طهران.

 وأمر خامنئي بضرب الاحتلال الإسرائيلي انتقاما للهجوم الذي نفذ على قنصليتها في دمشق الشهر الماضي، وردت الاحتلال بضرب منشآت عسكرية في أصفهان، إلا أن الطرفين عبرا عن رغبة بعدم التصعيد أكثر، وفي النهاية يرغب خامنئي بالحفاظ على نظامه عبر السياسة الداخلية والخارجية، وهو وإن خسر جنديا يثق به كرئيسي إلا أن وفاة الرئيس لن تحرف على الأرجح، المرشد ولا نظامه عن مسارهم الحقيقي وهو تأمين ميراثه وسلطة الموالين له من المتشددين.

التعليقات (0)